حكاية التبغ من الأرض الى الإنتفاضة على الريجي
شهد يوم أمس إعتصاماً مركزياً لمزارعي التبغ في بلدة عيترون بعد سلسلة اعتصامات متفرقة شهدتها القرى الجنوبية للمئات منهم، والقضية الأساس كانت برفع الاجحاف والظلم عن كاهل المزارع ورفع قيمة السعر المفروض عليهم من شركة الريجي، عمدوا فيه الى توجيه انتقادات قاسية لمؤسسة الريجي ولمن يعنيهم الأمر في الدولة اللبنانية.
عند التاسعة صباحاً تجمع المعتصمون أمام مركز استلام التبغ في عيترون، واتخذوا قراراً نهائياً “بعدم تسليم المحاصيل الى الريجي لحين تحقيق المطالب، وأولها رفع سعر كيلو التبغ بما يوازي الارتفاع الهائل للأسعار” بحسب المزارع حسن مواسي، الذي أكد على أن “المزارعين هذه المرّة اتخذوا قراراً جامعاً، وسيبقى المحصول معهم ولو أدى ذلك الى اتلافه لاحقاً”.
المزارع أحمد حسين اعتير أن “مؤسسة الريجي تحقق أرباحاً كبيرة من انتاجها عندما تبيع علبة التبغ المصنعة في لبنان بأكثر من 10 آلاف ليرة، بعد أن كان ثمنها لا يزيد على 1000 ليرة، كما تبيع ما تبقى من انتاج المزارعين بالعملة الصعبة الى الخارج”.
ولفت الى أن “المزارع يخسر سنوياً بحسب الأسعار المحددة لاستلام المحصول ما يزيد عن نصف الكلفة التي يتكبدها على الزراعة والعمل، والتي تستهلك 14 شهراً من وقته ووقت عائلته كل سنة”.
واعتبر المزارع خليل ذيب أن “الريجي تدّعي بأن تسلمها محاصيلنا من التبغ يسبب لها خسائر فادحة، في حين أنها تصدّر ما نسبته 60% من هذه المحاصيل لشركات التبغ العالمية، والتي تفضّل التبغ اللبناني من بين كل أنواع التبغ العالمي بسبب جودته” ويتابع “هذا يعني أن الأسعار تزيد على 15 دولاراً للكيلو الواحد، ويضعون سقف السعر لنا بنحو 40 الف ليرة فقط. الريجي تحتفظ بمدخرات تفوق 800 مليار ليرة، أي ما يعادل 500 مليون دولار حتى نهاية العام 2018، استناداً لتصريح مديرها العام”.
وهنا تتدخل المزارعة فاطمة قطيش بالقول “الدولة تركتنا نواجه تجار المواد ولم تقدم لنا أية مساعدة”.
خلال الاعتصام أصدر مزارعو التبغ في عيترون بياناً أعلنوا فيه “إدانتهم لما جاء في كلمة مدير عام مؤسسة الريجي ناصيف سقلاوي الأخيرة، والتي احتوت على الكثير من الإجحاف والمغالطات بحق المزارعين، لأن الريجي لم تزودنا في هذا الموسم بالأدوية والمعدات والأسمدة وأكياس الخيش، ولم تسأل عنا وتركتنا لجشع التجار والدولار”.
كما نشر المزارعون في القرى المجاورة بيانات متفرقة عبّروا فيها عن “رفضهم تسليم الموسم لهذا العام حتى الحصول على الحد الأدنى من الحقوق”.
قصة التبغ
زراعة التبغ هي مورد رزق لحوالي 23 ألف مزارع، وتنتشر في 397 قرية وبلدة لبنانية، الجنوب (192 قرية)، الشمال(91 قرية)، البقاع (114 قرية)، وقد بدأت تُزرع في لبنان منذ عهد الأمير فخر الدين المعني الثاني في القرن السابع عشر.
موسسم زراعة التبغ يمتد لنحو 14 شهراً بين الزرع والقطاف والنشر والتجفيف، وتعمل فيه الأسرة بكامل أفرادها، وبالتوازي مع تسليم المحصول لمؤسسة الريجي يبدأ العمل للموسم التالي، وقد حددت الريجي معدل الإنتاج بـ100 كلغ للدونم الواحد، وبالتالي فان المزارع الواحد لا يحق له انتاج أكثر من 400 كلغ، أي ما لا يزيد عن 600 دولار سنوياً بحسب أسعار اليوم.
وبحسابٍ بسيط فإنه اذا ما تم حساب كلفة الانتاج فان المزارع حتما سيقع بخسارة فادحة، إذ أن ثمن شوال السماد ارتفع من 50 ألف ليرة الى 600 ألف ليرة، وقفز إيجار حراثة الأرض من 50 ألف الى 300 ألف ليرة.
الطعام المرّ
وبالمناسبة فإن المدخول المتدني ليس هو السبب الوحيد لوصف اللقمة المحصّلة من زراعة التبغ بالمرّة، فأوراق التبغ تفرز مادة لزجة سوداء شديدة المرارة تلتصق بالأيدي وتصعب إزالتها، وكثيراً ما يضطر العاملون في القطاف والشك الى تناول شيء من الطعام قبل أن يتسنى لهم تنظيف أيديهم جيداً، ما يجعل المرّ جزءاً من اللقمة.